عاشق الوادى مؤسس المنتدى
عدد المساهمات : 214 نقاط : 5174 تاريخ التسجيل : 01/08/2011
| موضوع: قد يكون الدواء شديد المرارة ..ولابد مما منه بد ! الإثنين أغسطس 01, 2011 8:17 pm | |
| قد يكون الدواء شديد المرارة ..ولابد مما منه بد ! )
قال الشيخُ بنبراته الشجية المؤثرة :
السفينة جائحة للسقوط في خضم البحر ، والأمواج من حولها تتلاطم كأنها الجبال ، ترى ما السبيل لإعادة تأهيل هذه السفينة ، كي تشق طريقها في ثبات وقوة ، وسط العواصف والأنواء والرياح والأمواج ..؟!
وأدار الشيخ بصره في وجوه الحاضرين، ثم هز رأسه وقال :
تلك هي سفينتك أيها الإنسان في بحر هذه الحياة وما فيها من فتن كقطع الليل المظلم، طوفان من الفتن ينصب عليك من الفضاء، وأنت في بيتك آمن ..!
الأمر لا يحتاج إلى معجزة.. سفينتك أنت ، أنت بعينك .. قد تتعرض للانحراف فتهوي في قاع البحر..!!
ومع هذا ..لا تجزع ..!! الأمر بعد توفيق الله تعالى ، يحتاج إلى : عزم وتصميم وثقة بالنفس ، ووضوح للغاية ، وإصرار على ربط المصير بالمصير ..
حجر الزاوية في القصة كلها : أن تعرف ابتداء أنك مريض ..أو أنك محاصر.. أو مستهدف ..!!
ثم أن تبادر في همة لطلب العلاج من مظانه .. أو لطلب الخلاص جهدك .. شغلك الشاغل ، وهمك اللازم : أن تنتقل من دائرة المرض إلى دائرة الصحة .. ثم تترقى فيها بعد ذلك ..
الأمر قد يتطلب منك صبر على مرارة الدواء .. والعلاج قد يتطلب منك وقتاً ليأتي الدواء بمفعوله الواضح .. العلاج قد يتطلب منك العيش في أجواء معينة ، والانخلاع من أجواء أخرى .. العلاج قد يتطلب منك القيام بما لم تعتاده من قبل .. العلاج باختصار يحتاج منك تصميم على أن تتناول الدواء رغم مرارته .. ففي كثير من الأحيان تكون المرارة عين الحلاوة ..!! ومن لا يحب صعود الجبال ** يعش ابد الدهر بين الحفر .
وأفضل من هذا القول قول الحق تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ..) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والمجاهد من جاهد نفسه في ذات الله ."
عند تشخيص المرض تحت اشعة الوحي السماوية ، قد تتكشف لك كمية من الأورام التي ينبغي على الفور إزالتها ، وأولها : ورم ( الأنا ) !!
الشعور بالذات إلى حد الانتفاخ ، يصيب في مقتل ، دون أن يشعر الإنسان .!!
قد تكتشف أنك تحتاج إلى إعادة تقييم جديدة ، لملفات كثيرة في حياتك ، حتى تستقيم أمرك على الوجه الذي يرضى الله عنك ..
قد تكتشف للأسف أنك بلا هوية حقيقية ، وأنك مجرد صورة بلا روح ، وقالب تم تفريغه من محتواه الحقيقي .. !! قد تكتشف أن رأسك محشو بألوان من الوساوس التي يتلاعب الشيطان بك من خلالها ذات اليمين وذات الشمال ..
قد تكتشف أن الخلل كامن في علاقاتك مع والديك .. مع زوجك .. مع أولادك .. في ظلمك لنفسك وللناس ولذوي القربى ...الخ الخ
كل ذلك يحتاج إلى خطوة عزم .. إلى قرار نافذ لا رجعة فيه .. إلى تصميم على تناول الدواء مهما كانت مرارته في البداية ..
قد تكون نقطة التحول عندك : أن تنخلع من أجوائك القديمة ، لتكون في أجواء جديدة ، نقية صافية معطرة بأنفاس الملائكة ، من خلال صحبة طيبة مباركة ، لا تزال تشدك بقوة إلى السماء ، اصبر معها وصابر ورابط ، ولا تكل ولا تمل ، ولا تسلم نفسك للشيطان وهو يؤزك إزاً لتعود إلى أجوائك القديمة ..
إن كل طبيب يوصي بهذه الخطوة : تغيير الأجواء ...
على كل حال هذه دعوة لتغيير النظر في حياتك كلها .. اجلس إلى نفسك فكر فيما مضى وفيما بقي .. سل نفسك هل علاقتك مع ربك على أحسن ما يكون .. هل سلوكياتك تؤهلك لنيل رضا الله عنك ..
انقطع اياماً لله سبحانه ، فرّغ نفسك له بالذكر الكثير .. بالصلاة الكثيرة .. بالدعاء الكثير .. بالإقبال الشديد على الله .. بالانخراط في حلقات العلم ..ونحو هذا ..
ثم ثق تماماً أنك إذا صدقت الله سيصدقك ، وسترى شجرتك قد أينعت وأثمرت .. وسترى أن خريفك قد أورق ، وانقلب ربيعاً أخضر ..
ثم شرع الشيخ يدلل على ما يقول ، ويستشهد بالنصوص ، ويقص قصصا وحكايات طيبة، ما يعزز هذه الفكرة ويؤكدها ويقررها ويقويها ..
وانفض السامر وكل منهم قد عقد النية ، وعزم عزماً أكيداً ، على أن يراجع ملفاته من جديد ، وشعار كل منهم : الله ...أو الدمار ...!
وانصرف بعضهم يردد بعض الأبيات التي أتحف الشيخ السامعين بها ومنها : أقسمتُ يا نفسُ لتنزلنه ** لتنزلنه أو لتكرهنه ما لي أراكِ تكرهين الجنة ** قد أجلب الناس وشدوا الرنة
منقول عن بوعبدالرحمن غفر الله له
اذكروا الله
استغفروا الله | |
|